elmansura online
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

صلاح سلطان.. الإجماع أداة من أدوات الاجتهاد

اذهب الى الأسفل

صلاح سلطان.. الإجماع أداة من أدوات الاجتهاد Empty صلاح سلطان.. الإجماع أداة من أدوات الاجتهاد

مُساهمة  cm punk الجمعة يوليو 29, 2011 12:20 am

حجية الإجماع لا تستند لأي دليل

صلاح سلطان.. الإجماع أداة من أدوات الاجتهاد



أوضح الدكتور صلاح سلطان أن القرآن لا يدل صراحة ولا ضمنا على حجية الإجماع، وأن ما يذكره الأصوليون من آيات تدل على حجية الإجماع لا تسعفهم في تقرير هذه الحقيقة الكبرى، وفند هذه الاستدلالات كلها.

وأشار في حواره مع "إسلام أون لاين" إلى أن الإجماع كأداة من أدوات الاجتهاد، أو كدليل من أدلة التشريع لم يكن من ضمن أدوات الصحابة الاجتهادية، ولم ينقل عنهم لا قولا ولا ممارسة.

فإلى نص الحوار:



أجرى الحوار: حامد العطار

إسلام أون لاين-القاهرة



*ماذا عن الاستدلالات النبوية؟ ألم يقدم الأصوليون نصوصا نبوية تدل على نظرية الإجماع؟ هل اكتفوا بما قدموا من آيات قرآنية؟

يذكر الأصوليون هنا مجموعة من الأحاديث، أبرزها حديثان:

الأول: "عن أبي مالك -يعني الأشعري- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله أجاركم من ثلاث خلال: أن لا يدعو عليكم نبيكم فتهلكوا جميعا، وأن لا يظهر أهل الباطل على أهل الحق، وأن لا تجتمعوا على ضلالة" رواه أبو داود، وهذا الحديث فيه نظر عند المحدثين من ناحيتين: الأولى: أنه منقطع، وقد أوضح المناوي هذا الانقطاع بقوله: هذا الحديث فيه محمد بن إسماعيل بن عياش عن أبيه، قال أبو حاتم: لم يسمع من أبيه، وقال المنذري: تكلم فيه أكثر من واحد، وقال ابن حجر: في إسناده انقطاع، وله طرق لا يخلو واحد منها من مقال.

الثانية: أن راوي الحديث أبو مالك الأشعري لا يعرف من هو؛ لأن هذا الاسم يطلق على عدد من الصحابة، جاء عن الذهبي: واختلف في اسمه، فقيل: الحارب بن الحارث، وقيل عبيد، وقيل: عمرو، وقيل كعب بن عاصم، وقيل: عبيد الله، وقيل كعب بن كعب، وقيل عامر بن الحارث بن هانئ بن كلثوم. فالحديث ضعيف، قال عنه ابن حجر عن جميع الروايات التي تحمل هذا المعنى: "رويت بطرق كثيرة لا يخلو واحد منها من مقال" وقال الهيثمي: "إنها جاءت بطرق فيها نظر كلها، ونسب ذلك إلى شيخه العلامة العراقي في تخريجه أحاديث البيضاوي.



*لكن الشيخ الألباني صحح هذه الجملة الأخيرة من الحديث: أعني إجارة الأمة من الاجتماع على ضلالة؟

- بالرغم مما ذكرت من حيثيات تضعف سند الحديث، فإنه حتى لو صح فإنه لن يفيد حجية الإجماع الذي يقول به الأصوليون.

*لماذا يا دكتور؟

- لأننا إذا رجعنا إلى معنى كلمة ضلالة في اللغة فسنجدها تستعمل كما يلي:

الضلالة والضلال ضد الهوى والرشاد، وأضل الشيء إذا غيبه، يقال: أضللت الميت دفنته، وضللت المسجد أو الدار: لم أعرف موضعهما، والضلال: النسيان، ومنه قوله تعالى: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: 282] والضالة: الضائعة، وضل الرجل: مات وصار ترابا فلم يتبين شيء من خلقه، ومنه قوله تعالى: {وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} [السجدة: 10] فإذا جئنا إلى مادة ضل ومشتقاتها في القرآن الكريم فسنجدها أولا تزيد على أربعة ومائتي موضع، وثانيا: أن أكثر الاستعمالات شيوعا هو المعنى اللغوي الأول، وهو الكفر ضد الهدى والرشاد، ومن ذلك قول الله تعالى:

1- {وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} [البقرة: 108]

2- {وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} [النساء: 136]

3- {مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا } [الإسراء: 15]

4- {قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ } [الأنعام: 56]

5- {وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى} [طه: 79]

وعلى هذا أكثر النصوص الواردة في القرآن الكريم، أما المعاني الأخرى فحظها قليل في الاستعمال القرآني، ومن ذلك:

1- {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ } [محمد: 4] أي: لن تخفى أو تنسى .

2- : {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: 282] أي تنسى

3- {قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ} [الشعراء: 20] أي عما آتاني الله بعدها من العلم.

4- {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} [الضحى: 7] أي عما أنت الآن من الشريعة.

*إذن فما معنى الضلالة في تقديركم الواردة في الحديث على فرض صحته؟

- أنا أطمئن إلى أن المقصود بها في الحديث: الكفر، فالمراد إجارة الأمة كلها من الكفر، ومع هذا فلا أقطع بأن هذا هو المعنى الوحيد المراد من الحديث؛ وذلك لشيوع الاستعمال القرآني في استعمال الضلال والضلالة بمعنى الكفر والردة والشرك، فمن الممكن أن يكفر من الأمة فرد أو اثنان أو طائفة، ولا يحدث لهذه الأمة على الإطلاق أن ترتد عن الإسلام، وهي ميزة بلا شك.

*إذن فلفظ الأمة في الحديث على شموله وعمومه، وليس المراد به المجتهدين من الأمة فقط؟

- نعم، لا يوجد ما يخصص لفظ الأمة لجعله في المجتهدين أهل الإجماع فقط، وإذا لم يوجد المخصص بقيت الكلمة على عمومها، وبهذا لا تدل على حجية الإجماع.

*هذا عن حديث "لا تجتمع أمتي على ضلالة" فماذا عن الأحاديث الأخرى؟ كحديث "لا تجتمع أمتي على خطأ"

- هذا هو الحديث الثاني الذي يستدلون به على حجية الإجماع، وهو أكثر الأحاديث تداولا في الاستدلال على حجية الإجماع، بل في أغلب مباحث الإجماع، ومع هذا لا يوجد له أي سند، ولم يثبت بهذا اللفظ، ولعله رواية بالمعنى لحديث: "لا تجتمع أمتي على ضلالة" وأنا أثناء إعداد بحث الدكتوراه حينما درست هذا الحديث ذهبت ونمت في مكتبة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- ليالي، ووضعت رحلي على باب كل عالم من علماء الحديث، ذهبت إلى أكثر علماء الحديث في القاهرة، وسألتهم أين الحديث بسنده "لا تجتمع أمتي على خطأ" الذي يشتهر في كتب علم الحديث، علم الأصول، ولا تجد كتاباً من كتب علم الأصول -قديماً أو حديثاً- إلا واستدلوا به، إلا ويذكر هذا الحديث على أنه حديث، ولا أصل له، لم يرد أصلاً!

*لكن، لو صح هذا الحديث لدل على حجية الإجماع بمعناه؟

- أبدا، فحتى على فرض صحته لكان أحاديا ظنيا ثبوتا ودلالة؛ لأن كلمة خطأ تنصرف إلى النسيان وعدم تعمد فعل شيء معين، مثل القتل الخطأ، وتستعمل في معنى المعصية لقوله تعالى: {وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ} [يوسف: 29] ومنه قوله تعالى: {تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ} [يوسف: 91] وتستعمل بمعنى الكفر لقوله تعالى: {إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ} [القصص: 8]، وبالتالي لا يصح حمل معنى الخطأ على معنى دون آخر إلا بدليل، فلما لم يوجد الدليل فقد سقط كل ما استدلوا به لأجل هذا الخبر في مباحث الإجماع.

*لكن، كيف أخذ الأصوليون من هذه الروايات المثخنة بالجراح دليلا على الحجية القطعية للإجماع مع أن هذه الروايات برغم ما بها من جراح لا ترقى إلى المستوى القطعي؟

- لا شك أن الأصوليين لاحظوا أنه لا يوجد حديث مما استدلوا به نقل بالتواتر أو بالاستفاضة، بل نقلت جميعا نقلا أحاديا، وقد سلموا جميعا أن أخبار الآحاد لا تفيد إلا الظن من حيث الثبوت، وهو لا يكفي لإثبات أن الإجماع حجة قطعية، فعمدوا إلى مجموعة من الطرق يحاولون بها جعل المظنون قطعيا والمرجوح راجحا، منها:



1- قال بعضهم: إن هذه الروايات رويت بأخبار آحاد يفيد مجموعها حدوث التواتر.

2- وقالوا أيضا: إن هذه الأخبار تشترك في الدلالة على معنى واحد، وهو أن الأمة بأسرها لا تتفق على الخطأ أو الضلالة، وإذا اشتركت الأخبار الكثيرة في الدلالة على معنى واحد صار المعنى مرويا بالتواتر المعنوي، وهذا رأي أغلب الأصوليين أن التواتر معنوي لا لفظي.

3- ومنهم من قال: اشتهر عن الصحابة والتابعين الاستدلال بهذه الأحاديث على حجية الإجماع من غير إنكار عليهم.

4- وقالوا: احتمال إنكار أحد مستحيل لأنه لم ينقل مع كون ذلك يتعلق بأصل عظيم كالإجماع، فلو حدث إنكار لعرف، خاصة والخلاف في مسائل جزئية قد عرف، مثل دية الجنين مثلا.

5- وقالوا: يستحيل في العادة أن يستدل الصحابة والتابعون بها على حجية الإجماع إلا إذا كانت هذه الأخبار صحيحة، والعادة تنقي أنهم لا يجمعون على موجب خبر إلا إذا كان مقطوعا به.

6- وقالوا: إذا كان من المستحيل حدوث إجماع على أمر مظنون، والرأي فيه مضطرب، فإذا وجدناهم قاطعين بالحكم دون تردد تأكد لدينا أنهم أسندوه لشيء سمعي، وعللوا عدم وصول هذا الدليل القاطع بأنه ربما ظل الصحابة يعملون بالإجماع واستمروا على القطع بموجبه، ولم يهتموا بنقل الدليل.

7- وقالوا أيضا: ربما علم الصحابة قطعية الإجماع بقرائن عملية لا تنقل كالقرائن السمعية.

*وما رأيكم في هذه الروافع التي حاول الأصوليون أن يرفعوا بها هذه الروايات إلى المجال القطعي؟

1- رأيي أنها جميعا محاولات فاشلة، فمثلا ادعاء استدلال الصحابة والتابعين بهذه الأحاديث على حجية الإجماع ادعاء يفتقر إلى الدليل، أين الدليل على هذا؟ ولو حدث هذا لكان الشافعي أعلم الناس به لقرب عهده بهم، فلما لم يحدث وظل الشافعي أياما لا يجد دليلا يقدمه لمن سأله على حجية الإجماع حتى قرأ القرآن كذا وكذا مرة تأكد أن الاستدلال بهذه الأحاديث على حجية الإجماع لم يكن موجودا أيامهم، ولم يصل إلينا عن واحد من الصحابة أنه عرف الإجماع أو استدل به على حجيته، وعلمنا أن لا صحة للقول بأنهم استدلوا بالأحاديث على حجية الإجماع، وعلى كل حتى لو حدث فليس ذلك بحائل دون إعادة النظر في مدى صحة الاستدلال.

2- ما بني على الزعم من أن عادة الصحابة والتابعين جرت بعدم الإنكار على الاستدلال على الإجماع وهذا بدوره يؤكد صحة هذه الأحاديث، فلا يغني عن توافرها.... الإجابة أنه لم يحدث إنكار لأنه لم يكن هناك إجماع بالمفهوم الأصولي، بل شورى بينهم، ولا استدلال على حجيته أصلا.

3- جرت العادة عن الصحابة والتابعين ألا يثبتوا شيئا إلا بدليل، ولو صح عندهم حجية الإجماع، واستدلوا بهذه النصوص أو غيرها لوصلنا ذلك قطعا؛ لأنه في أصل قطعي عندهم يقدم على الكتاب والسنة أحيانا عند بعضهم.

4- من أوهن ما تعلقوا به قولهم: إن الصحابة والتابعين شغلهم العمل بالإجماع عن نقل دليله المقطوع به عندهم ثبوتاً ودلالة، ونحن نسأل: لماذا لم يحدث هذا إلا في الإجماع؟ لماذا وصلنا خلافهم في النقير والقطمير ولم يصلنا استدلالهم في هذا الأصل؟

5- القول بأن الصحابة ربما علموا صحة هذه الأخبار لا بصريح المقال، بل بقرائن وأحوال وأمارات، وهذه لا سبيل إلى نقلها، هذا مردود لأنهم كانوا في غاية الحرص على تبليغ كل شيء عن دين الله تعالى، وهذا الواقع تمحل لتقوية أدلة ضعيفة وظنية لا تشير إلا إلى وضوح غائلة الشك والاستدلال.

6- كيف نسلم بأن اجتهاد الأمة متمثلا في مجتهديها يسلم من الخطأ لا محالة ثم نجد هؤلاء الأصوليين أنفسهم يقررون أن اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم لا يسلم من الخطأ، وأنه ربما يخطئ في اجتهاده، والله عز وجل يصوب له؟؟؟

*لكن ماذا كان موقف الأصوليين الذين عرفوا بنقد الأحاديث سندا ومتنا، مثل العلامة الشوكاني مثلا؟

- قد رفض العلامة الشوكاني الاستدلال بهذه الأحاديث على حجية الإجماع، لكنه لم يعلق على سند هذه الأحاديث، واكتفى بنقد المتن، وذهب إلى أن الخطأ المظنون لا يعد ضلالا، ومن الجدير بالذكر أن الإمام الجويني هو الآخر رفض الاستدلال بهذه الأحاديث على حجية الإجماع لما رأى أنها لا تعطي الحجة القطعية اللازمة للإجماع، لكنه اعتذر عن ذلك بأن التابعين لا بد أنهم بلغهم أدلة قطعية عن الصحابة تفيد حجية الإجماع ثم انشغلوا عن نقلها، وهو استدلال مرفوض كما ذكرت.

*وماذا عن الصحابة؟ ألم يؤثر عنهم تقرير لحجية الإجماع قولا أو ممارسة؟

- الزعم أن الصحابة أجمعوا على عدم جواز مخالفة ما أجمعوا عليه محض ادعاء لا دليل عليه، فمتى وأين أجمعوا على ذلك؟ ومن روى هذا عنهم حتى نعرضهم على موازين قبول الروايات وطرحها؟ بل كيف حدث هذا ولم يعرف بالتحديد من هم مجتهدو الصحابة بأعيانهم الذين اجتمعوا وقالوا: أجمعنا على عدم مخالفة إجماعنا، بل لماذا خالف ابن عباس جمهور الصحابة في مسائل عديدة مثل ربا الفضل ونكاح المتعة قبل رجوعه عنها؟ هل فعل ذلك وهو يعلم أن مخالفتهم حرام؟ لا يظن أحد في ابن عباس أنه يجرؤ على أمر محرم، إننا لم نجد أحدا يقول للمخالفين: خالفت إجماعنا وأنت ترتكب جرما أو تخرج على جماعة المسلمين! بل الأكثر من ذلك هناك ما يؤكد أنهم كانوا يجتهدون بما يحقق المصلحة الحادثة حتى ولو خالف ذلك ما كان عليه العمل من قبل، مثل قسمة الفيء في عهد سيدنا عمر وحد الخمر في عهد سيدنا علي رضي الله عنه.

واقرأ أيضاً:

صلاح سلطان: الإجماع نظرية لا علاقة لها بالواقع الفقهي
cm punk
cm punk

المساهمات : 23
تاريخ التسجيل : 12/07/2011
العمر : 32

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى